السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
من المفاهيم المغلوطة الشائعة
التي لا تستند على دليل قرآنيّ ولا على حكم شرعيّ
ولا على قيمة اسلامية ،
بل هي تتناقض مع المفاهيم الاسلامية ، هو التركيز على
(شرف البنت) دون (شرف الابن) .
فالشرف واحد ، شرف البنت كشرف الابن ،
وشرف الشاب كشرف الفتاة ، ولا ميزة للذكور في ذلك على الإناث
، وأي منتهك لحرمة شرفه ـ رجلاً كان أو إمرأة ـ
مدان ومحاسب ، فإذا أهدرت الفتاة شرفها ، وأساءت لسمعتها ،
فإنّها تكون مساوية في التردّي الأخلاقي لذاك الشاب الذي ينغمس
في المجون ويسكن الملاهي وبيوت الدعارة .
لماذا إذن التركيز على شرف البنت ؟
هي نظرة جاهلية لا تزال تعشش في عقول وأذهان الكثير
من المسلمين ،
أي أنّ رواسب الجاهلية التي كانت تئد البنات مخافة أن
يتلوّث شرف القبيلة
إن هي هزمت وسبيت نساؤها واعتدي على شرفهنّ ،
ما زالت قائمة إلى اليوم .
فالنظرة العشائرية القبلية تعتبر الإساءة إلى شرف البنت
إساءةً إلى شرف العشيرة أو القبيلة كلّها
، ولذا ـ فمن وجهة نظر عشائرية جاهلية ـ
لا بدّ من (غسل العار)
بقتل الفتاة التي استهانت بشرفها ،
وبالتالي بشرف قبيلتها ، أو دفنها وهي حيّة ،
أي وأدها تماماً كما كان يفعل الجاهليون مع الفرق في أنّ الأب في الجاهلية
كان يئد ابنته وهي بعد طفلة صغيرة لا تعي من الحياة شيئاً ،
والأب في الفهم العشائري
للشرف يئد ابنته وهي في ريعان صباها وشبابها .
ولا بدّ من ملاحظة أنّ الفارق الوحيد بين الفتاة والشاب في مسألة الشرف ،
هو فارق في النتيجة الظاهرة ، أي في الحمل .
أمّا ما عدا ذلك فالشاب مرتكب الفاحشة والمستجيبة له بإرادتها كلاهما
على درجة سواء فيما يتحمّلان من وزر عملهما المشين .
أمّا القول بأنّ شرف الفتاة من شرف أسرتها أو قبيلتها ،
وإنّه إذا تعرّض إلى الأذى فكأنّما تعرّضت الأسرة والعشيرة كلّها للنيل من شرفها ،
مفهوم غير إسلامي ولا يقرّه القرآن البتة .
فالله تعالى يقول : (ولا تزِرُ وازرة وزر أخرى )
ولذا فما ذنب الأب أو الاُم إذا كانت البنت لم تحفظ شرفها وسمعتها ؟
ومرّة أخرى نقول : إنّ النظر إلى مسألة الشرف هي نظرة اجتماعية
أكثر منها نظرة إسلامية ،
فمن الأمثلة الدارجة في مجتمعاتنا الشرقية قول بعضهم :
«إنّ شرف البنت كعود الكبريت» يريدون بذلك أنّها إذا أباحت جسدها
ـ في غير الطريق الشرعيّ ـ
فإنّها تكون قد انتهت كإنسانة شريفة وعفيفة ،
حتى أنّ قسوة بعض المجتمعات
تصل إلى درجة أنّها لا تسامح حتى الفتاة أو المرأة (المغتصبة)
التي فقدت شرفها رغما عنها ..
إنّ شرف البنت حسّاس ، لكنّ شرف الابن حسّاس أيضاً ،
وقد لا يكون كعود الكبريت ،
لكن ارتياد الأماكن الموبوءة ، ومعاشرة العاهرات ،
يجب أن يجعل من نظرة المجتمع إليه
أن تكون من خلال شرفه أيضاً ، لا من خلال رجولته ،
وهذا ما تتناساه الكثير من المجتمعات الذكورية
ذات النظرة المجاملة والمنحازة للرجل