لحسن الحظ أو لسوئه ،أننا في عصر العولمة ..
وما كان حبيس الأدراج
خرج دفعة واحدة إلي العلن ..
عبر فضائيات وإعلام وانترنت
أصبحت تضج بكل هاذا الكم الهائل من الأفكار
والآراء والمعتقدات والأحلام ..
وصار من البديهي ، أن نشاهد سيل المسجات والتعليقات في كل زاوية
وفي كل ركن تكنولوجي،وكأنَّ مارد الكلام خرج من قمقم الكبت..
كل فرد فينا يتكلم و في كل المجالات
السجالات السياسية لا تنتهي كلّ يتكلم ولا أحد يسمع،
كل الحوارات الفكرية ،حوارات أنداد..
غايتها إثبات وجهة النظر بأي شكل وبأي أسلوب،الكلّ يزاحم الآخر
بموقعه ،ولا يرى أبعد من قدميه ..
والخطورة في عصر التكنولوجيا ،ومفهوم الديمقراطية التي نردده دون
وعي،هو أن بإمكان أيّ شخص أن يطرح فكره مهما كان ولأنّ الجميع
يتكلم ، فمن البديهي أن تثار أفكار ملفتة،ويُفضَل أن تكون
صادمة،كي تجذب الأضواء إليها ..
كلُ يتحدث عن حبه للوطن ،ولا أحد يقدّم للوطن شيئاً!!
كلّ يقدس الديمقراطية ،ولا أحد بإمكانه أن يقتنع برأي الآخر!!
ما يحدث حلبة صراع لمراهقين سياسين ،ومفكرين،
همهم إبراز عضلاتهم الثقافية ..
لا أحد يقدّم مشروعاً يخدم الوطن،ويلمّ شمل الأطراف المتصارعة،
لا أحد يصنع جسراً يجعل من مجتمعه يتقدم خطوة إلى الأمام..
بعض المثقفين يلومون المراهقين على ما يعبرون عنه من تفاهات
تتصدر كل الشاشات وترينا ضآلة الفكر
الذي يحمله رجال ونساء المستقبل،
وأنا أقول لهم ،ماذا تقدمون لهم.. ؟؟
وهم بأمس الحاجة إلى رمز يقتدون به ويوجه خطاهم ،
ماذا فعل المسؤولون عن فضائيات تنشر السمّ في الدسم..؟؟
من المسؤول عما يجري. ..
وهل أحد ينتبه إلى خطورة ما يبُثُ من ثقافة تغريب عن مجتمع يزداد
التطرف فيه بشكل متعمد...
فحين تنتهك أعراف وقيم المجتمع بشكل يومي دون حسيب أو رقيب،
حينها سيفرز قسماً يرتدّ بشكل انفعالي، ويلوذ بفكر انعزالي،
والنتيجة حالة صراع قادمة بين تيارات متشددة يميناً ويساراً..
بنظرة متأملة، نتيقن أن مجتمعاتنا ينتظرها العنف بكافة أشكاله ..
والانقسام الحاد صار واقعاً لا مجرد استنتاج أو تنبوء..
إلي كل شباب وبنات هذا الجيل:
من ينقذنا من مراهقة الإعلام والفكر والسياسة ..
ومتى سنبلغ سن الرشد؟؟