بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تحتَ مُسمَي الرِجَال
من اكثرِ الأمورُ المخزِيةِ و المُشِينةِ فِي هذَا الزمان
إنعدامُ غِيِرةِ الكثِيِرِ مِن الرجالِ علَي محارِمِهم و ذهابُ هذَا الإحساسُ
الفِطرِي الرجُوُلِي أدراجَ الرِياحِ.
تحولَ الكثِيِرُ ممن أدرِجَ تصنِيِفهُم تحتَ مسمي الرجال
تحولوا إلي ديوثِيِن, و العياذُ بالله
و لنبدأ أولاً بتعرِيِفِ معنَي الغيِرةِ علَي المحارِمِ و التِي أمر بِهَا و حثَ عليها الإسلام.
فالغيرة هِي : صون العرض و الحميةُ و الأنفةُ
و الذبُ عنه و عَن كُلِ مَا يهتِكُ و يشِيِن و يعِيِبَ هذَ العرضُ
الغِيِرةُ صفةٌ من صِفاتِ الله تعالي و هِي مِن صفاتِ الكمالِ للمولي عز وجَل
و لقَد كانَ قدوتُنَا و حبِيِبُنَا رسولِ الله صلي الله عليه و سلم و صحابته الكِرام
مِن أشدِ الناسِ غِيِرةً علَي محارِمِهِم و حُرماتُ الله.
هذا هُوا سعدُ بن عبادة رضِي الله عنه يقولُ :
يا رسوُل الله ، لو رأيتُ رجلاً مع أهلي، لا أمسّه حتى
انطلق فآتي بأربعةِ شهودٍ ؟! قال : نَعم ، قال :
لا والذي بعثَك بالحقِ إن كنت لآخذُ به بالسيفِ غير مُصفحٍ
فقال : عليه الصلاة والسلام : ( أتعجبونَ من غيرةِ سَعد ؟ إنَّه لغيور
وأنا أغيرُ منه, واللهُ أغيرُ منّي !! ) متفق عليه
و أما الديوُث, فإننا نقُوُلُ فِي اللغةِ العربِيةِ:
ديثَ الأمر, أي هونهُ و يسرهُ و جعلهُ أمراً لا غضاضةَ فِيِه
فهذَا هُو الديُوُث الذِي ماتَ قلبهُ و تبلدَ حِسهُ و روضَ نفسهُ و طوعهَا
برضاءِ الخُبثِ علَي حُرماتِهِ
يدخُلُ عليهَا الرجالُ و تجلِسُ هِي مع الرجال فالأموُرُ متساوِيةٌ فِي نظرِهِ
و هذَا أمرٌ مفرُوغٌ مِنهُ و لا جِدالَ فيِه.
و لا عجبَ فِي ذلِك فإن موتُ القلوُب هُو, موتُ التقوَي و الشِيمةُ و النخوةُ
و الإحساسُ و الضمِيِر.
عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( ثلاثة لا يدخُلون الجنة أبدا: الديوُث، والرجلة من النساء
ومدمِن الخمر” قالو يا رسول الله: أما مُدمن
الخمر فقد عرفناه. فمَا الديُوث؟ قَال:
“الذي لا يُباليِ من دخَل على أهله”، قلنا:
فما الرجلة من النسَاء؟ قال: “التي تشبَه بالرجال) رواه الطبراني
الغيِرةُ مرتبطةٌ بالإيمان و كُل مازادَ الإيمان زادت معهُ هذَهِ الغيرةُ حتَي
أن هذَا الإحساسُ يتجاوزُ المحارِم
و يتعدَاهَا إلي نساءِ الأمةِ المُسلِمةِ كُلُهَا, فكُلُ مُسلِمةٍ هِي عِرضٌ و شرفٌ
تخافُ عليه و تتقِي الله فِيِه.
و فِي هذَا الزمانِ أصبحت الغِيِرةَ لدَي الكثِيِر مفهوماً و مُصطلحاً مُرادِفاً للرجعِيةِ
و التخلُف و تحجُرِ العقُوُل
و تعددتُ و تفننت الدعواتُ للدِياثةَ و كسرِ القيُودِ و إشاعةُ الفاحِشةِ بالكثِيِرِ
مِن المُسمياتِ و الشِعاراتِ الزائِفةِ, و العياذُ بالله.
قال تعالي:
( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَم وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النور
لم يتوانَي أولياءُ الشياطِيِن مُدعِي الرجولةَ, مِن الإتجارِ بالنساءِ اللواتي
سقطن فِي مُستنقعِ و وحلِ الفاحِشةِ و الرذِيلةِ
فقدمُوهَا بكلِ الأصنافِ و بكُلِ الأشكال لمحوا و صرحوا وحددوا لهذهِ التجارةُ
الأثمان و الأسعار.
قبِل الزوجُ علي زوجتهِ أن تنفقَ الأموال و الوقت و الجهد
تغيِرُ خلقَ الله و تتفننُ و تحتارُ في إختيارِ كُلِ ماهُو دعوةٌ صريحةٌ بل و ملحةٌ
للدعارةِ و هتكِ الأعراض
تمشِي الهُوينةَ و تتراقصُ بجسدِهَا و تقوُلُ بعينِهَا ما لا يقوُلُه الكلامُ و اللسان.
ثُم يمشِي معهاَ ذلِكَ الديوثَ مختالاً فخوراً بِها و بنفسهِ
يعرِضها و يعرضُ مفاتِنهَا و يسعدُ مِن كُل ألأعينِ التِي تلاحقهَا و دعواتُ الشيطانِ
التِي ترتمِي تحت أرجلِهَا و تطالبهَا بالمزِيد
و لِمَ لا؟! فهِي و مَن وُلِي أمرهَا عرضُوا سِلعتهُم و هاهُم يجِدُونَ من
يشترِي و يدفعَ المزِيِد.
يقولُ: أبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى الرازي :
( حضَرت مجلِس مُوسى بن إسحاق القاضِي و قدمت امرأة
زوجُها إليهِ فادعَت عليهِ مهرهَا خمسمائةِ دينَار فأنكَر الرجُل
فقال وكيِلُ المرأة قد أحضرتُ شهُودي فقال :
واحدٌ من الشهود انظُر إلى المرأة فقام و قامَت
فقَال الزوجُ : تفعلون ماذا ؟
فقال الوكيل : ينظرون إلى أمرأتك وهي مُسفره , لتصِح عندهُم معرفتِها
فقال الزوج:إني أشهدُ القاضِي أن لهَا عليّ هذا المهر الذي تدعِيهِ
و لا تسفِر عن وجهِهَا قالت المرأة :
فإني أشهِد القاضِي أني قد وهبتهَا له)
قال القاضي : يكتب هذا في مكارم الأخلاق
فأين نحنُ مِن هكذا رجالٍ غيرتهُم قومَت النساءَ و أدبتهُم و جعلت
مِنهُم نِساءً صالِحاتٍ؟!
كثِيِرةٌ و مُتعدِدةٌ هِي صُورُ الدِياثةِ فِي هذا الزمان
نساءٌ تخرُجُ مِن بيوتِهَا ليلاً و نهاراً تجُوُبُ الشوارِع و الطُرقاتِ دوُن محارمٍ
و دونَ أي أهداف و مُبرِرٍ لهذَا التسكُع .
المحرمُ يجتمِعُ مع محارِمِهِ فِي أماكِن و بؤرِ الفُسوقِ و المُجونِ يرقصُوُن
و يضحكُون و هُو من يسعَي لذلِك
و لا يبخلُ عليهِم بالجُهدٍ و الوقتٍ و المَال.
هُو غيرُ متواجدٍ بالمنزِلِ, ولكنهُ يقبلُ بدخولِ الأصدقاءِ و الأهلِ
و الأحبابِ و مّن طابَ لهُ الجلُوس و رُبمَا الإقامةُ و البقاء.
الكثِيِرُ و الكثِيِرُ مِما يندَي لهُ الجبِيِنُ مِن صُورِ الدِياثة,ِ و لا يخفَي علَي
أياً مِنَا كُلُ ما يحدُثُ حولنَا مِن إنحِدارٍ
و ضياعٍ لمعانِي الرجوُلةِ و خُذلانٍ لهذَا الدِيِنُ, و العِياذُ بالله.
و فِي كُلِ الأحوالِ يبقَي شِعارُ هؤلاءِ الذِيِن أدرِجوا تحتَ مُسميَ الِرجالُ:
المُهِم الثقةُ و أنا أعرف زوجتِي و إبنتِي و أخِي بل و جِيرانِي و الأصدِقاء.
لَم يبقَي إلا كلِمةٌ أخِيرة هِي ليست مِن كلامِ و صُنعِ البشَر, ولكِنهَا
كلامُ المُنتقِمُ الجبَار سبحانهُ و تعَالَي:
تأملٌوهَا و افهمُوهَا حقَ الفهمِ و التدبُر
قالَ تعالَي
(ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم
سبحانَك اللهم و بحمدِك * اشهدُ أن لا إله إلا أنت
أستغفِرُك و أتوبُ إليك